والجاهل والمكره لم يكسب قلبه ما أقَرّ به أو حلف عليه، فلا يؤاخذ به.
والمقصود: أن الزوج المظلوم المدّعَى عليه دَعْوَى كاذبة ظالمة بأنه ترك النفقة والكسوة تلك السنين كلَّها، أو مدة مُقامها عنده، إذا تبيّن كذب المرأة في دعواها لم يجز للحاكم سماعها، فضلًا عن مطالبته بردِّ الجواب.
فله طُرق في التخلص من هذه الدعوى:
أحدها هذا: أن يقول: كيف يَسُوغ سماع دعوى تُكذِّبها العادة والعرف ومشاهدة الجيران؟
الثاني: أن يقول للحاكم: سَلْها مَنْ كان يُنفِقُ عليها، ويكسوها في هذه المدة؟
فإن ادّعَتْ أن غيره كان يؤدي ذلك عنه لم يُسمع دعواها، وإن كانت الدعوى لذلك الغير، ولا يُقبل قولها على الزوج إن غيره قام بهذا الواجب عنه، وهذا مما لا خفاء به، ولا إشكال فيه.
وإن قالت: أنا كنت أنفق على نفسي، قال الزوج: سَلْها هل كانت هي التي كانت تدخل وتخرجُ تشتري الطعام والإدام؟
فإن قالت: نعم، ظهر كذبها، ولاسيَّما إن كانت من ذوات الشرف والأقدار.
وإن قالت: كنت أوكّل غيري في ذلك، أُلزمت ببيانه، وإلا ظهر كذبها وظلمها وعدوانها، وكانت معاونتها على ذلك معاونةً على الإثم والعدوان.
فإن أعوز الزوج حاكمٌ عالمٌ مُتَحَرٍّ للحق لا تأخذه فيه لومة لائم، فلْيَعْدل إلى التحيُّل بالخلاص بما يُبطل دعواها الكاذبة، إما بأن يجحد استحقاقها