للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا ظاهرٌ إذا سَمّى لكل شهر أو سنة قسطًا معلومًا، ولا يُعيِّن مقدار المدة، بل يقول: آجرتك كل سنة بكذا، أو: كل شهر بكذا، تقوم لي بالأجرة في أول الشهر أو السنة، فإن أفلس قبل مضي شيء من المدة ملكَ المؤجرُ الفسخَ، وإن أفلس بعد مُضي شيء منها فهل يملك الفسخ؟ على وجهين:

أحدهما: لا يملكه؛ لأن مُضي بعضها كتلف بعض المبيع، وهو يمنع الرجوع.

والثاني: يملكه، وهو قول القاضي، وهو الصحيح؛ لأنَّ المنافع إنما تُملَك شيئًا فشيئًا، بخلاف الأعيان، فإنها تُملك في آنٍ واحد، فيتعذَّر (١) تجدد العقد عند تجدد المنافع.

المثال السادس: إذا خاف المستأجر أن تَنْهَدم الدار، فيعمُرها، فلا يحتسب عليه المؤجر بما أنفق.

فالحيلة في ذلك: أن يقول وقت العقد: وأذِنَ المؤجرُ للمستأجر أن يَعمُر ما تحتاجُ الدار إلى عمارته من أُجرتها، ويُقدّر لذلك قدرًا معلومًا، فيقول مثلًا: بمئة فما دونها، أو يقول: من عشرة إلى مئة، فإن لم يفعل ذلك واحتاجت إلى عمارة لا يتم الانتفاع إلا بها، فأشهد على ذلك وعلى ما أنفق عليها، وأنه غير مُتبرعٍ به، وحُسِب له من الأجرة.

وكذلك إذا استأجر منه دابّة، واحتاجَتْ إلى علفٍ، وخاف أن لا يحتسب له به المؤجر، فعل مثل ذلك.

فإن قال: أذنتُ لك أن تُنفق على الدار أو الدابة ما تحتاج إليه، فادّعى


(١) م: «فيقدر». والمثبت من باقي النسخ.