وفسَّروا قوله:«للكلب ألقوه» أي: لمن ليس من أهل مِلّتكم فأطعموه وبيعوه، وهم أحق بهذا اللقب، وأشبه بالكلاب.
ثم إن هذه الأمة الغضبية فرقتان:
إحداهما: عرفوا أن أولئك السلف الذين ألفوا المِشْنا والتلمود، وهم فقهاء اليهود، كذبوا على الله وعلى موسى النبي، وهم أصحابُ حماقات وتَنَطُّع، ودعاوَى كاذبة، يزعمون أنهم كانوا إذا اختلفوا في شيء من تلك المسائل يُوحي الله تعالى إليهم بصوت يسمعه جمهورهم، يقول: الحق في هذه المسألة مع فلان، ويسمون هذا الصوت:(بَثْ قُول).
فلما نظرت اليهود القرَّاؤون (١) وهم أصحاب عانان وبنيامين إلى هذه المحالات الشنيعة، وهذا الافتراء الفاحش، والكذب البارد، انفصلوا بأنفسهم عن الفقهاء، وعن كل من يقول بمقالاتهم، وكذَّبوهم في كل ما افتروا على الله، وزعموا أنه لا يجوز قبول شيءٍ من أقوالهم، حيث ادَّعَوا أن الله تعالى كان يوحي إليهم كما يوحي إلى الأنبياء.
وأما تلك الترَّهات التي ألفها الحخاميم وهم فقهاؤهم، ونسبوها إلى التوراة وإلى موسى، فإن القَّرَّائين اطَّرَحُوها كلها، وألغَوْها، ولم يحرِّموا شيئًا من الذبائح التي يتولَّون ذبيحتها البتة، ولم يحرموا سوى لحم الجَدْيِ بلبن أمه فقط، مراعاةً لنص التوراة:«لا يُنْضَجُ الجدي بلبن أمه»، وليسوا بأصحاب قياس، بل أصحاب ظاهر فقط.