عبادة الأصنام، كما قاله السلف من الصحابة والتابعين، وقد تقدم.
ومن أعظم كيد الشيطان: أنه يَنْصِب لأهل الشرك قبر معظَّمٍ يُعظِّمه الناس، ثم يجعله وثنًا يُعبد من دون الله، ثم يُوحِي إلى أوليائه: أن مَنْ نهى عن عبادته واتخاذه عيدًا وجَعْلِه وثنًا؛ فقد تنقّصَه، وهضمه حقّه، فيسعى الجاهلون المشركون في قَتْله وعقوبته ويكفِّرونه؛ وذَنْبُه عند أهل الإشراك: أمْرُهُ بما أمر الله به ورسوله، ونهيُه عما نهى الله عنه ورسوله، مِن جَعْلِه وثنًا وعيدًا، وإيقاد السّرُج عليه، وبناء المساجد والقباب عليه، وتجصيصه، وإشادته، وتقبيله، واستلامه، ودعائه، أو الدعاء به، أو السفر إليه، أو الاستغاثة به من دون الله، مما قد عُلم بالاضطرار من دين الإسلام أنه مضادّ لما بعث الله به رسوله من تجريد التوحيد لله، وأن لا يُعبدَ إلا الله.
فإذا نهى الموحّدُ عن ذلك غضب المشركون، واشمأزّت قلوبهم، وقالوا: قد تنقَّص أهلَ الرُّتَب العالية، وزعم أنهم لا حُرمة لهم ولا قَدْر، وسَرَى ذلك في نفوس الجهال والطّغام، وكثيرٍ ممن يُنسَب إلى العلم والدّين؛ حتى عادَوا أهل التوحيد، ورَمَوْهم بالعظائم، ونفّروا الناس عنهم، ووَالَوا أهل الشركِ وعظَّموهم، وزعموا أنهم هم أولياء الله، وأنصارُ دينه ورسوله!
ويأبى الله ذلك، فما كانوا أولياءه، إنْ أولياؤهُ إلا المتقون، المتبعون له، الموافقون له، العارفون بما جاء به، الدَّاعون إليه، لا المتشَبّعون بما لم يُعْطَوا، لابِسُو ثياب الزّور، الذين يصدّون الناس عن سُنة نبيهم، ويَبْغُونهم عِوَجًا، وهم يَحْسبون أنهم يُحسِنون صُنْعًا!