للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن العجب أن يَحتجّ بهذه الآية مَنْ يقول: إنه لو حلف: ليضربنّه عشرةَ أسواط، فجمعها وضربه بها ضَرْبَةً واحدة لم يَبَرّ في يمينه.

هذا قول أصحاب أبي حنيفة، ومالك، وأصحاب أحمد.

وقال الشافعي: إن علم أنها مَسّته كلُّها برّ في يمينه، وإن علم أنها لم تمسّه لم يبرّ، وإن شكَّ لم يحنث.

ولو كان هذا موجبًا لبِرّ الحالف لسقط عن الزاني والقاذف والشارب بعدد الضرب؛ بأن يَجمع له مئة سوط أو ثمانين، ويضرب بها ضربةً واحدة، وهذا إنما يجزئ في حق (١) المريض، كما قال الإمام أحمد في المريض عليه الحدّ: يُضرب بِعِثكالٍ يُسقط عنه الحدّ.

واحتج بما رواه عن أبي أمامة بن سهل، عن سعيد بن سعد بن عُبادة، قال: كان بين أبياتنا رُوَيجلٌ ضعيف مُخْدَجٌ، فلم يَرُعِ الحيَّ إلا وهو على أمةٍ من إمائهم يَخبُثُ بها، قال: فذَكَرَ ذلك سعد بن عبادة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وكان ذلك الرجل مسلمًا، فقال: «اضربوه حدَّهُ»، فقالوا: يا رسول الله! إنه أضعفُ مما تحسِب، لو ضربناه مئةً قتلناه. فقال: «خذوا له عِثْكالًا فيه مئةُ شِمْراخ، ثم اضربوه ضربةً واحدةً»، ففعلوا (٢).


(١) «حق» ساقطة من م.
(٢) رواه أحمد (٥/ ٢٢٢)، والنسائي في الكبرى (٧٣٠٩)، وابن ماجه (٢٥٧٤)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٢٠٢٤)، والطبراني في الكبير (٦/ ٦٣)، والبيهقي في الكبرى (٨/ ٢٣٠)، وغيرهم، وفي إسناده اختلافٌ وعنعنةُ ابنِ إسحاق، ورجّح بعضهم إرساله، وحسنه ابن عبد الهادي في المحرر (١١٤٧) وقال: «لكن فيه اختلاف، وقد روِي مرسلًا»، قال ابن الملقن في البدر المنير (٨/ ٦٢٦): «الظاهر أنَّ هذا الاختلافَ لا يضرّه»، وحسنه ابن حجر في البلوغ (ص ١٥٥)، وهو في السلسلة الصحيحة (٢٩٨٦).