على موضع القتل والصلب، وعلموا أنهم إن لم يفعلوا لم يتخلَّصوا من عُقوبتها.
ومنها: أن عُبّاد الصليب يقولون: إن المسيح لما قُتل غار دمه، ولو وقع منه قَطرة على الأرض ليبستْ ولم تنبتْ.
فيا عجبًا! كيف يَحْيَا الميتُ، ويبرأ العليل بالخشبة التي شُهر عليها وصلب؟ أهذا كله من بركتها، وفرَحِها به، وهو مشدود عليها يبكي ويستغيث؟
ولقد كان الأليق أن يَتفَتّت الصليبُ ويضمحلّ لهيبة من صُلب عليه وعظمته، تُخسَف الأرض بالحاضرين عند صلبه، والمتمالئين عليه، بل تتفطّر السماوات، وتنشقّ الأرض، وتخرّ الجبال هَدًّا.
ثم يقال لعُبّاد الصليب: لا يخلو أن يكون المصلوب الناسوت وحده، أو مع اللاهوت:
فإن كان المصلوبُ هو الناسوت وحده، فقد فارقتهُ الكلمة، وبطل اتحادها به، وكان المصلوب جسدًا من الأجساد، ليس بإله، ولا فيه شيء من الإلهية والربوبية البتة.
وإن قلتم: إن الصَّلب وقع على اللاهوت والناسوت معًا، فقد أقررتم بصلب الإله وقتله وموته، وقدرة الخلق على أذاه، وهذا أبطلُ الباطل، وأمحلُ المحال.