وسبيل الله وصراطه المستقيم: هو الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، بدليل قوله عز وجل: {يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يس: ١ - ٤]، وقال:{إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ}[الحج: ٦٧]، وقال:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الشورى: ٥٢].
فمن اتَّبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله وفعله فهو على صراط الله المستقيم، وهو ممن يحبه الله ويغفر له ذنوبه، ومن خالفه في قوله أو فعله فهو مبتدع، متبع لسبيل الشيطان، غير داخل فيمن وعد الله بالمحبة والمغفرة والإحسان.
فصل
ثم إن طائفة الموسوسين قد تحقق منهم طاعة الشيطان، حتى اتصفوا بوسوسته، وقبِلوا قوله وأطاعوه، ورغبوا عن اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، حتى إن أحدهم ليرى أنه إذا توضأ وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو صلى كصلاته، فوضوؤه باطل، وصلاته غير صحيحة، ويرى أنه إذا فعل مثل فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مؤاكلة الصبيان، وأكل طعام عامة المسلمين: أنه قد صار نجسًا، يجب عليه تسبيع يده وفيه، كما لو ولَغ فيهما كلب، أو بال عليهما هِرّ.
ثم إنه بلغ من استيلاء إبليس عليهم أنهم أجابوه إلى ما يشبه الجنون، ويقارب مذهب السوفسطائية [٤٠ أ] الذين ينكرون حقائق الموجودات، والأمور المحسوسات، وعلم الإنسان بحال نفسه من الأمور الضروريات اليقينيات، وهؤلاء يغسل أحدهم عضوه غَسْلًا يشاهده ببصره، ويكبِّر (١)