وأهل التحريف والسَّفْسَطَةِ والقَرْمَطة في العِلْميَّات.
فكلُّ فساد في الدين بل والدنيا فمَنْشَؤُه من هاتين الطائفتين. وبالتأويل الباطل قُتل عثمان رضي الله عنه، وعاثت الأمَّة في دمائها، وكفّر بعضُها بعضًا، وتفرقت على بِضْع وسبعين فرقةً، فجرى على الإسلام من تأويل هؤلاء وخداع هؤلاء ومكرهم ما جرى، واستولت الطائفتان، وقويت شوكتهما، وعاقبوا من لم يوافقهم وأنكر عليهم، ويأبى الله إلا أن يُقيم لدينه من يَذُبُّ عنه، ويبيِّن أعلامه وحقائقه، لكيلا تبطل حجج الله وبَيّناته على عباده.
فلْنرجع إلى ما نحن بصدده من بيان مكايد الشيطان ومصايده.
فصل
ومن مكايده ومصايده: ما فَتَن به عُشَّاقَ الصور.
وتلك لَعَمْرُ الله الفتنةُ الكبرى، والبَلِيّةُ العظمى، التي استعبدت النفوسَ لغير خَلّاقها، وملّكت القلوبَ لمن يَسُومُها الهَوان من عُشَّاقها، وألقت الحرب بين العشق والتوحيد، ودعت إلى موالاة كل شيطان مَريد (١)، فَصَيّرت القلب للهوى أسيرًا، وجعلته عليه حاكمًا وأميرًا، فأوسعت القلوب مِحْنة، وملأتها فِتْنة، وحالت بينها وبين رُشدها، وصرفتها عن طريق قصدها، ونادت عليها في سُوقِ الرَّقيق فباعتها بأبخس الأثمان، وأعاضتها بأخسِّ الحظوظ وأدنى المطالب عن المعالي في غُرَف الجِنان، فضلًا عمَّا هو فوق