للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمن آمن به خاصة، وشفاءً تامًّا لما في الصُّدور؛ فمن استشفى به صحَّ وبرئ من مرضه، ومن لم يستشف به فهو كما قيل:

إذَا بَلَّ مِنْ دَاءٍ بِهِ ظَنَّ أنّهُ ... نَجَا وَبِهِ الدَّاءُ الَّذي هُوَ قَاتِلُهْ (١)

وقال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: ٨٢]، والأظهر أن "مِنْ" هاهنا لبيان الجنس، فالقرآن جميعه شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين.

فصل

ولما كان مرض البدن خلاف صحته وصلاحه، وهو خروجه عن اعتداله الطبيعي، لفساد يعرض له، يفسد به إدراكه وحركته الطبيعية: فإما أن يذهب إدراكه بالكلية؛ كالعمى والصمم والشلل، وإما أن ينقص إدراكه لضعف في آلات [٥ أ] الإدراك مع استقامة إدراكه، وإما أن يدرك الأشياء على خلاف ما هي عليه، كما يدرك الحلوَ مُرًّا، والخبيث طيبًا، والطيب خبيثًا.

وأما فساد حركته الطبيعية: فمثل أن تضعف قوته الهاضمة، أو الماسكة، أو الدافعة، أو الجاذبة، فيحصل له من الألم بحسب خروجه عن الاعتدال، ولكن مع ذلك لم يصل إلى حدِّ الموت والهلاك، بل فيه نوع قوة على الإدراك والحركة.

وسببُ هذا الخروج عن الاعتدال: إما فساد في الكمية أو في الكيفية:


(١) البيت بلا نسبة في إصلاح المنطق ص ١٩٠، والجليس الصالح (٤/ ٨٥)، والبصائر والذخائر (٦/ ١٧٩)، وربيع الأبرار (٤/ ٩٦)، ووفيات الأعيان (٣/ ٤٦٥)، ولسان العرب (بلل).