لدلالة هذا الخبر الذي لا يُعلم إلا من جهة الرسول على صدقه، فلا يرتاب من قد عرف صحة هذا الخبر بعدُ في صدق الرسول -صلى الله عليه وسلم-= ظهرت فائدة ذكره.
والمقصود ذكر مرض القلب وحقيقته.
وقال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[يونس: ٥٧]؛ فهو شفاء لما في الصدور من مرض الجهل والغَيّ، فإن الجهل مرض؛ شفاؤه العلم والهدى، والغي مرض؛ شفاؤه الرشد. وقد نزّه الله سبحانه نبيَّه -صلى الله عليه وسلم- عن هذين الداءين، فقال: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم: ١، ٢]، ووصف رسوله -صلى الله عليه وسلم- خلفاءه بضدهما فقال:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي"(١)، وجعل كلامه سبحانه موعظة للناس عامة، وهدى ورحمة
(١) رواه أحمد (٤/ ١٢٦، ١٢٧)، وأبو داود (٤٦٠٧)، والترمذي (٢٦٧٦)، وابن ماجه (٤٢، ٤٣، ٤٤)، وغيرهم من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وصححه البزار كما في جامع بيان العلم (٢/ ٣٤٨)، وأبو العباس الدغولي كما في إجمال الإصابة (ص ٤٩)، وابن حبان (٥)، والحاكم (١/ ١٧٤)، وأبو نعيم كما في جامع العلوم والحكم (ص ٢٥٨)، وابن عبد البر (٢/ ١٨٢، ٣٤٨)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (١/ ٤٧٢)، وابن تيمية في منهاج السنة (٤/ ١٦٤) وفي غيره، والذهبي في السير (١٨/ ١٩٠)، وابن الملقن في البدر المنير (٩/ ٥٨٢)، والعراقي في الباعث على الخلاص (١)، وابن حجر في موافقة الخُبر الخَبر (١/ ١٣٦)، والشوكاني في إرشاد الفحول (١/ ٩٥، ٢٢١، ٢/ ١٨٩)، وحسّنه ابن القيم في إعلام الموقعين (٤/ ١٤٠)، وهو في السلسلة الصحيحة (٩٣٧، ٢٧٣٥).