للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

ومن ذلك: الوسوسةُ في مخارج الحروف، والتنطُّعُ فيها.

ونحن نذكر ما ذكره العلماء بألفاظهم:

قال أبو الفرج بن الجوزي (١): «قد لَبّس إبليس على بعض المصلين في مخارج الحروف، فتراه يقول: الحمد، الحمد، فيخرج بإعادة الكلمة عن قانون أدب الصلاة، وتارة يُلبِّس عليه في تحقيق التشديد في إخراج ضاد {المغضوب}. قال: ولقد رأيت من يخرج بُصاقه مع إخراج الضاد لقوة تشديده، والمراد تحقيق الحرف حسْبُ، وإبليس يُخْرِج هؤلاء بالزيادة عن حد التحقيق، ويَشْغلهم بالمبالغة في الحروف عن فهم التلاوة، وكل هذه الوساوس من إبليس».

وقال أبو محمد بن قُتيبة في «مشكل القرآن» (٢): «وقد كان الناس يقرأون القرآن بلغاتهم، ثم خَلَف من بعدهم قوم من أهل الأمصار وأبناء العجم، ليس لهم طبع اللغة، ولا علمُ التكلف، فهفَوا في كثير من الحروف، وزلُّوا وأخلُّوا، ومنهم رجل ستر الله عليه عند العوام بالصلاح، [٤٦ ب] وقرّبه من القلوب بالدين، فلم أرَ فيمن تتبعت (٣) في وجوه قراءته أكثر تخليطًا ولا أشد اضطرابًا منه؛ لأنه يستعمل في الحرف ما يدعه في نظيره، ثم يؤصّل أصلًا ويخالفه إلى غيره بغير عِلَّةٍ، ويختار في كثير من الحروف ما لا مخرج


(١) تلبيس إبليس (ص ١٤٠).
(٢) ص ٥٨ ــ ٦٠.
(٣) في الأصل: «ينعبث»، وفي بعض النسخ: «يتعنت». والتصويب من المصدر الذي نقل عنه المؤلف.