وهم في الحقيقة إنما ينتظرون [١٧١ ب] مسيح الضلالة الدجال، فهم أكثر أتباعه. وإلا فمسيح الهدى عيسى ابن مريم عليه السلام يقتلهم، ولا يُبْقِي منهم أحدًا.
والأمم الثلاث: تنتظر منتظرًا يخرج في آخر الزمان، فإنهم وُعدوا به في كل ملَّة، والمسلمون ينتظرون نزول المسيح عيسى ابن مريم من السماء، لكَسر الصليب، وقتل الخنزير، وقتل أعدائه من اليهود، وعبَّاده من النصارى، وينتظرون خروج المهدي من أهل بيت النبوة، يملأ الأرض عدلاً، كما ملئت جورًا وظلمًا.
فصل
ومن تلاعب الشيطان بهذه الأمة الغضبية: أنهم في العشر الأول من الشهر الأول من كل سنة يقولون في صلاتهم: «كم تقول الأمم: أين إلههم؟ انتبه، كم تنامُ يا رب! استيقظ من رَقدتك».
وهؤلاء إنما أقدموا على هذه الكفريات من شِدّة ضَجَرِهم من الذل والعبودية، وانتظار فَرجٍ لا يزداد منهم إلا بعدًا، فأوقعهم ذلك في الكفر والتزندق الذي لا يستحسنه إلا أمثالهم، وتجرَّأوا على الله سبحانه وتعالى بهذه المناجاة القبيحة، كأنهم يُنَخُّونَه بذلك لِينتخيَ لهم ويحمَى لنفسه، فكأنهم يخبرونه سبحانه وتعالى بأنه قد اختار الخمول لنفسه ولأحبابه، وأبناء أنبيائه، فينتخونه للنباهة، واشتهار الصيت!
فترى أحدهم إذا تلا هذه الكلمات في الصلاة يقشعرّ جلده، ولا يشك في أن هذه المناجاة تقع عند الله تعالى بموقع عظيم، وأنها تؤثر فيه، وتُحَرّكه، وتهزُّه، وتُنَخّيه.