للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالحيلة: فِعْلةٌ من الحول، وهو التحوّل من حالٍ إلى حالٍ، وكل من حاول أمرًا يريد فعله، أو الخلاصَ منه، فما يحاوله به: حيلة يَتَوَصّل بها إليه.

فالحيلة معتبرة بالأمر المحتال بها عليه إطلاقًا ومنعًا، ومصلحة ومفسدة، وطاعة ومعصية.

فإن كان المقصود أمرًا حسنًا كانت الحيلة حسنة، وإن كان قبيحًا كانت الحيلةُ قبيحةً، وإن كان طاعةً وقُربة كانت الحيلةُ عليه كذلك، وإن كانت معصيةً وفسوقًا كانت الحيلة عليه كذلك.

ولما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود؛ فتستحلّوا محارم الله بأدنَى الحيل» (١) صارت في عُرْف الفقهاء إذا أطلقت يُقْصَد بها الحيل التي يُستَحَلُ بها المحارم، كحيل اليهود.

وكل حيلةٍ تتضمن إسقاط حقٍّ لله، أو لآدميّ فهي مما يستحلُّ بها المحارم.

ونظير ذلك لفظ الخداع؛ فإنه ينقسم إلى محمود ومذموم، فإن كان بحقٍّ فهو محمود، وإن كان بباطل فهو مذمومٌ.

ومن النوع المحمود قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الحرب خدعة» (٢)، وقوله في الحديث الذي رواه الترمذي (٣) وغيره: «كلّ الكذب يُكْتَبُ على ابن آدم إلا ثلاث


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سنن الترمذي (١٩٣٩) من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد مرفوعا بمعناه، ورواه أيضًا ابن وهب في الجامع (٥٣٢)، وابن أبي شيبة (٥/ ٣٢٧)، وأحمد (٦/ ٤٥٤، ٤٥٩، ٤٦٠)، وابن أبي الدنيا في الصمت (٤٩٩)، والطبري في التهذيب (٢٠٩، ٢١٠ ــ مسند علي ـ)، والطبراني في الكبير (٢٤/ ١٦٤ ـ ١٦٦)، وابن عدي في مقدمة الكامل (١/ ٤٠)، وغيرهم، واختُلف في إسناده فقيل: عن شهر عن أبي هريرة، وقيل: عنه عن الزبرقان عن النواس بن سمعان، وقيل: عنه مرسلًا، وقيل غير ذلك، وحسنه الترمذي، وأعلّه الطحاوي في شرح المشكل (٧/ ٣٧٠) بابن خثيم، وقال الهيثمي في المجمع (١/ ٣٠٩): «فيه شهر بن حوشب، وقد وثِّق وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات». وفي الباب عن أنس وأبي أيوب وأم كلثوم بنت عقبة وعائشة.