وعن أحمد رواية أخرى: أنه مُقِرّ بالحق مُدّعٍ لقضائه، فلا يُقبل منه إلا ببينةٍ، وهذا قول الأئمة الثلاثة.
وعنه رواية ثالثة: أن هذا ليس بجواب صحيح، فيُطالَبُ بردّ الجواب.
وعلى هذا فإذا قال: له علي ألف قضيته إيّاه، ففيه ثلاثُ رواياتٍ منصوصات:
إحداهن: أنه غير مُقِرٍّ، كما لو قال: كان له عليّ.
والثانية: أنه مقرٌّ مُدّع للقضاء، فلا يُقبل منه إلا ببينة.
والثالثة: أنه لا يسمع منه دعوى القضاء، ولو أقام به بينةً، بل يكون مكذبًا لها.
وعلى هذا إذا قال: كان له عليّ، ولم يَزد على هذا، فهو مُقرّ.
وخُرّج أنه غير مُقِرٍّ من نَصّه، على أنه إذا قال: كان له عليّ وقضيته، أنه غير مُقِرٍّ.
وهو تخريج في غاية الصحة؛ فإن أحمد لم يجعله غير مُقرٍّ من قوله: وقضيته؛ فإن هذا دعوى منه للقضاء، وإنما جعله كذلك من جهة أنه أخبر عن الماضي لا عن الحال، فلا يُلزَم بكونه في ذمَّته في الحال، وهو لم يُقرّ به.
والمقصود: أن المدَّعَى عليه إذا كان مظلومًا فالحيلة في تخلُّصه أن يقول: إن ادّعيت كذا من جهة كذا وكذا فأنا غيرُ مُقرٍّ به، وإن ادّعيته من جهة كذا وكذا فأنا مقر به: كان جوابًا صحيحًا، ولم يكن مُقرًّا على الإطلاق.