وفى أثر آخر (١): «إن الله إذا أحبّ عبده حماه الدنيا وطيّباتِها وشهواتها، كما يحمِيْ أحدُكم مريضَه».
فهذا من تمام رحمته به، لا من بُخْله عليه.
كيف وهو الجواد الماجد، الذي له الجودُ كلّه، وجُودُ جميع الخلائق في جَنب جُودِهِ أقلُّ من ذَرةٍ في جبال الدنيا ورمالها.
فمن رحمته سبحانه بعباده: ابتلاؤهم بالأوامر والنواهي رحمةً وحِمْيةً، لا حاجةً منه إليهم بما أمرهم به، فهو الغني الحميد، ولا بُخلًا منه عليهم بما نهاهم عنه، فهو الجواد الكريم.
(١) هو أثر مرفوع، رواه البخاري في التاريخ الكبير (٧/ ١٨٥)، والترمذي (٢٠٣٦)، وابن أبي الدنيا في الزهد (٣٨)، وابن أبي عاصم في الزهد (١٩٠، ١٩١)، وعبد الله في زوائد الزهد (ص ١١)، والطبري في التهذيب (٤٨٣ ـ مسند ابن عباس ـ)، والطبراني في الكبير (١٩/ ١٢)، والبيهقي في الشعب (٧/ ٣٢٠)، وغيرهم من طريق محمود بن لبيد عن قتادة بن النعمان مرفوعا: «إذا أحبَّ الله عبدًا حماه الدنيا كما يظلّ أحدكم يحمي سقيمَه الماء»، ورُوِي عن محمود عن عقبة بن رافع، وعنه عن رافع بن خديج، وعنه عن أبي سعيد الخدري، قال الترمذي: «حديث حسن غريب، وقد روِي عن محمود بن لبيد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلًا .. ومحمود قد أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- ورآه وهو غلام صغير»، وصححه ابن حبان (٦٦٩)، والحاكم (٧٤٦٤، ٧٨٥٧)، وحسن إسناده ابن مفلح في الآداب الشرعية (٢/ ٣٤٤). وفي الباب عن حذيفة.