للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مستوفًى في ذلك الكتاب، وإنما أشرنا هاهنا إلى نُبذةٍ يسيرةٍ في كونه من مكايد الشيطان، وبالله التوفيق.

فصل

ومن مكايده التي بلغ فيها مراده: مكيدةُ التَّحليل، الذي لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعله، وشبَّهه بالتَّيس المستعار، وعَظُم بسببه العار والشَّنار، وعَيَّر المسلمين به الكفارُ، وحصل بسببه من الفساد ما لا يُحصيه إلا ربُّ العباد، واستُكْرِيَتْ له التُّيوس المستعارات، وضاقت به ذرعًا النفوس الأبيَّات، ونفرت منه أشدَّ من نِفارها من السفاح، وقالت: لو كان هذا نكاحًا صحيحًا لم يَلْعَنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أتى بما شرعه من النكاح، فالنكاح سنته، وفاعل السنَّة مقرّب غير ملعون، والمحلِّلُ ــ مع وقوع اللعنة عليه ــ بالتيس المستعار مقرون، وسماه السلف بمسمار النار.

فلو شاهدتَ الحرائر المصونات، على حوانيت المحلِّلين متَبَذِّلات، تنظر المرأة إلى التيس نظرَ الشاةِ إلى شَفْرة الجازر، وتقول: يا ليتني قبل هذا كنت من أهل المقابر، حتى إذا تشارطا على ما يَجلِبُ اللعنة والمقْت، نهض واستتبعها خلفه للوقت، بلا زِفاف ولا إعلان، بل بالتخفي والكتمان، فلا جهازٌ يُنقل، [٧٦ أ] ولا فِراش إلى بيت الزوج يُحَوَّل، ولا صواحبُ يُهدِينها إليه، ولا مُصلحات يُجَلِّينها عليه، ولا مهرٌ مقبوض ولا مؤخَّر، ولا نفقة ولا كسوة تُقدَّر، ولا وليمة ولا نِثار، ولا دُفٌّ ولا إعلان ولا شعار، والزوج يبذلُ المهر، وهذا التيسُ يطأ بالأجر، حتى إذا خلا بها وأرخى الحجاب، والمطَلِّق والوَليُّ واقفان على الباب؛ دنا ليُطَهِّرها بمائه النَّجس الحرام، ويُطيِّبها بلعنة الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام.