للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رعيَّته، تعظّمه كتعظيمه، وتطيعه كطاعته، فإنه ليس في رعيته من يُساميه، ولا يماثله، ولا يكافيه= كان هذا غاية المدح.

وكذلك قول سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]، إنما قصد به نفي أن يكون معه شريك أو معبود يستحق العبادة والتعظيم، كما يفعله المشبِّهون والمشركون، ولم يقصد به نفي صفات كماله، وعلوّه على خلقه، وتكلُّمه بكتبه، وتكليمه لرسله، ورؤية المؤمنين له جَهْرةً بأبصارهم، كما يُرى الشمس والقمر في الصّحْو، فإنه سبحانه إنما ذكر هذا في سياق ردّه على المشركين، الذي اتخذوا من دونه أولياء، يوالونهم من دونه، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٦) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٨) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠) فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ٦ ـ ١١].

فتأمل كيف ذكر هذا النفي تقريرًا للتوحيد، وإبطالًا [١٤٥ أ] لما عليه أهلُ الشرك، من تشبيه آلهتهم وأوليائهم به حتى عبدوهم معه، فحرّفها المحرّفون وجعلوها تُرْسًا لهم في نفي صفات كماله، وحقائق أسمائه وأفعاله.