[١٠٥ ب] ومن هذا: رأى الأمام أحمد قطعَ يد جاحد العاريَّة؛ لأنه لا يمكن الاحتراز منه، بخلاف جاحد الوديعة، فإنه هو الذي ائتمنه.
والعُمدة في ذلك: على السنة الصحيحة التي لا معارض لها.
والقصد أن التوصل إلى الحرام حرام، سواءً توصل إليه بحيلة خفيَّة أو بأمر ظاهر، وهذا النوع من الحيل ينقسم قسمين:
أحدهما: ما يظهر فيه أن مقصود صاحبه الشر والظلم، كحيل اللصوص، والظلَمة، والخَوَنة.
والثاني: ما لا يظهر ذلك فيه، بل يُظهر المحتال أن قصده الخير، ومقصودُه الظلم والبغْيُ، مثل إقرار المريض لوارثٍ لا شيء له عنده، قصدًا لتخصيصه بالمقرِّ به، أو إقراره بوارث وهو غير وارث، إضرارًا بالورثة.
وهذا حرام باتفاق الأمة، وتعليمه لمن يفعله حرام، والشهادة عليه حرام، إذا علم الشاهد صورةَ الحال، والحكم بموجب ذلك حكم باطلٌ حرام، يأثمُ به الحاكم باتفاق المسلمين، إذا علم صورة الحال، فهذه الحيلة في نفسها محرَّمة لأنها كذبٌ وزور، والمقصود بها محرَّم لكونه ظلمًا وعدوانًا.
ولكن لمَّا أمكن أن يكون صدقًا، اختلف العلماء في إقرار المريض لوارثٍ، هل هو باطل سدًّا للذريعة، وردًّا للإقرار الذي صادف حق الورثة فيما هو متهم فيه؛ لأنه شهادة على نفسه فيما تعلق به حقهم، فيردّ للتهمة، كالشهادة على غيره؟ أو هو مقبول إحسانًا للظن بالمقِرّ، ولا سيَّما عند الخاتمة؟