وربما تقرّب بعضُهم إلى الإسلام، فقال: الملائكة هي القُوى الخيّرة الفاضلة التي في العبد، والشياطين هي القوى الشرِّيرة الرديئة.
هذا إذا تقرّبوا إلى الإسلام وإلى الرسل.
وأما الكتب فليس لله عندهم كلام أنزله إلى الأرض بواسطة الملك، فإنه ما قال شيئًا، ولا يقول، ولا يجوز عليه الكلام.
ومن تقرّب منهم إلى المسلمين يقول: الكتب المنزلة: فَيْضٌ فاضَ من العقل الفَعّال على النفس المستعدِّة الفاضلة الزكيّة، فتصوَّرت تلك المعاني، وتشكَّلت في نفسه، بحيث توهمها أصواتًا تُخاطبه، وربما قَوِيَ الوهم حتى يراها أشكالًا نورانية تُخاطبه، وربما قوي ذلك، حتى يُخَيّلها لبعض الحاضرين، فيرونها ويسمعون خطابها، ولا حقيقة لشيء من ذلك في الخارج.
وأما الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فللنبوّة عندهم ثلاث خصائص، من استكملها فهو نبيّ:
أحدها: قوة الحَدْس، بحيث يُدرك الحد الأوسط بسرعة.
الثانية: قوة التخيُّل والتخييل، بحيث يتخيل في نفسه أشكالًا نورانية تخاطبه، ويسمع الخطاب منها، ويخيِّلها إلى غيره.
الثالثة: قوة التأثير بالتصرّف في هَيُولَى العالم، وهذا يكون عندهم بتجرُّد النفس عن العلائق، واتصالها [١٥٢ ب] بالمفارقات من العقول والنفوس المجردة.
وهذه الخصائص تحصل بالاكتساب، ولهذا طلب النبوة مَن تصوّف