وكان السلف يُسَمُّون أهل الآراء المخالفة للسنة وما جاء به الرسولُ في مسائل العلم الخَبَرِيَّة، ومسائل الأحكام العمَلية، يسمونهم أهل الشبهات والأهواء، لأن الرأي المخالف للسنة جهلٌ لا علم، وهَوًى لا دينٌ، فصاحبه ممن اتَّبعَ هواه بغير هُدًى من الله، واتَّبع هواه بغير علم، وغايتُه الضلالُ في الدنيا والشقاء في الآخرة.
وإنما ينتفي الضلالُ والشقاء عمَّن اتّبع هُدَى الله الذي أرْسل به رُسله، وأنزلَ به كتبه، كما قال تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: ١٢٣،١٢٤].
واتِّباع الهوى يكون في الحب والبغض، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ
(١) رواه ابن أبي شيبة (٦/ ١٦٨) وابن قتيبة في مختلف الحديث (ص ٥٧) وأبو نعيم في الحلية (٣/ ٢٩٣) من طريق الأعمش عن مجاهد.