للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب حسن الخلق وطلاقة الوجه.

ومن هاهنا وصّى أطباء القلوب بالإعراض عن أهل البدع، وأن لا يسلِّم عليهم، ولا يُرِيَهم طلاقةَ وجهه، ولا يلقاهم إلا بالعبوس والإعراض.

وكذلك أوصَوْا عند لقاء من يخاف الفتنة بلقائه من النساء والمردان، وقالوا: متى كَشفتَ للمرأة أو الصبي بياض أسنانك كشفا لك عما هنالك، ومتى لقيتهما بوجه عابسٍ وُقِيتَ شرَّهما.

ومن مكايده: أنه يأمرك أن تلقى المساكين وذوي الحاجات بوجه عبوس، ولا تُرِيهم بشرًا ولا طلاقة، فيطمعوا فيك، ويتجرأوا عليك، وتسقط هيبتك من قلوبهم، فيحرمك صالح أدعيتهم، وميل قلوبهم إليك، ومحبتهم لك؛ فيأمرك بسوء الخلق، ومنع البِشر والطلاقة مع هؤلاء، وبحسن الخلق والبِشْر مع أولئك، ليفتح لك باب الشر، ويغلق عنك باب الخير.

فصل

ومن مكايده: أنه يأمرك بإعزاز نفسك وصَوْنها حيث يكون رضا الرب تعالى في إذلالها وابتذالها، كجهاد الكفار والمنافقين، وأمر الفجار والظلمة بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فيخيِّل إليك أن ذلك تعريض لنفسك إلى مواطن الذل، وتسليط الأعداء، وطعنهم فيك، فيزول جاهك؛ فلا يُقبل منك بعد ذلك ولا يُسمَع منك.

ويأمرك بإذلالها وامتهانها حيث يكون الخير في إعزازها وصيانتها، كما يأمرك بالتبذل لذوي [٣٦ ب] الرياسات، وإهانة نفسك لهم، ويخيِّل إليك أنك تُعِزُّها بهم، وترفع قدرها بالذل لهم، ويُذكِّرك قولَ الشاعر: