فإن خاف رب الدين أن يرفعه إلى حاكم لا يَرى صحة الضمان المعلق، فيُبْطل دينه من ذمَّة الأصيل بالإبراء، ولا يثبت له في ذمة الضامن:
فالحيلة: أن يكتبَ ضمانه ضمانًا مطلقًا، ويُشْهد عليه به من غير شرط، بعد إقراره ببراءة الأصل، فيحصل مقصودهما.
المثال السادس والستون: الحوالة تَنْقُل الحق من ذِمّة المُحيل إلى ذمة المُحال عليه، فلا يملك مطالبة المحيل بعد ذلك إلا في صورة واحدة، وهي: أن يشترط مَلاءة المُحال عليه فيتبين مُفْلسًا.
وعند أبي حنيفة: إذا تَوَى المالُ على المحال عليه، بأن جحده حقه، وحلف عليه، أو مات مُفلسًا، رجع على المحيل.
وعند مالك: إن ظنّ ملاءته، فبان مُفْلسًا، رجع، وإن طرأ عليه الفَلَسُ لم يكن له الرجوع.
فإذا أراد صاحب الحق التوثُّق لنفسه، وأنه إن تَوى ماله على المحال عليه رجع على المحيل:
فالحيلة له في ذلك: أن يحتالَ حوالة قبض، لا حوالة استيفاء، فيقول للمحيل: أحِلْني على غريمك أن أقبضَ لك ما عليه من الدَّين، فيُجيبه إلى ذلك، فما قبضه منه كان على مُلْك المحيل، فيأذن له في استيفائه.
فإن خاف المحيل أن يهلكَ هذا المال في يَدِ القابض، ولا يغرمه، لأنه وكيل في قبضه:
فالحيلة أن يقول له: ما قبضتُه فهو قَرْضٌ في ذمّتك، فيثبت في ذمّته نظيرُ ما لَه عليه، فيتقاصّان.