للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتج بنصوص من الإنجيل كقوله: «إن كل من في القبور إذا سمعوا قول الله سبحانه يَحْيَون» فأوجب عليهم اللعن، وأمر الملك أن يكون لهم مجمع يلعنون فيه، واستحضر بتاركة البلاد. فاجتمع عنده مئة وأربعة وستون أسقفًا، فلعنوا أسقف مَنْبج، وأسقف المصّيصة، وثبَّتوا:

«أن جسد المسيح حقيقةٌ لا خيال، وأنه إله تامٌّ، وإنسان تام، معروفٌ بطبيعتين ومشيئتين وفعلين، أقنومٌ واحدٌ، وأن الدنيا زائلة، وأن القيامة كائنة، وأن المسيح يأتي بمجد عظيم، فيدين الأحياء والأموات، كما قال الثلاث مئة والثمانية عشر الأوائل»، فتفرقوا على ذلك.

ثم كان لهم مجمعٌ تاسعٌ على عَهد معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه، تلاعنوا فيه.

وذلك أنه كان بروميةَ راهبٌ له تلميذان، فجاء إلى قَسْطا الوالي، فَوَبّخه على قُبح مذهبه وشناعة كُفْره، فأمر به قَسْطا، فقُطعت يداه ورجلاه، ونُزع لسانه، وفُعل بأحد التلميذين كذلك، وضُرِب الآخر بالسّياط، ونفاه، فبلغ ذلك ملك قسطنطينية، فأرسل إليه أن يوجّه إليه من أفاضل الأساقفة، ليعلم وجه هذه الشبهة، ومَنْ كان ابتدأ بها، ويعلم من يستحق اللعن.

فبعث إليه مئةً وأربعين أسقفًا، وثلاث مئة شَمّاس، فلما وصلوا إليه جمع الملك مئة وثمانية وستين أسقفًا، فصاروا مئتين واثنين وتسعين، وأسقطوا الشمامسة (١).


(١) في الأصل: «الثمانية». والمثبت من م. والعدد غير مستقيم في الحساب. وفي «هداية الحيارى» (ص ٤٢٢): ثلاث مئة وثمانية، وعدد الشمامسة ثلاث لا ثلاث مئة.