للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الاتباع، ولأن ذلك ذريعة إلى الغَسْلِ إلى الفخذ، وإلى الكتف، وهذا مما يُعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابَه لم يفعلوه ولا مرة واحدة، ولأن هذا من الغلُوِّ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والغلوّ في الدين» (١)، ولأنه تعمُّق، وهو منهي عنه، ولأنه عضو من أعضاء الطهارة، فكُرِهَ مجاوزته كالوجه.

وأما الحديث فراويه عن أبي هريرة عنه نُعَيْمٌ المُجْمِرُ، وقد قال: «لا أدري؛ قوله: «فمن استطاع منكم أن يطيل غرتَّه فليفعل» من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو من قول أبي هريرة؟».

روى ذلك عنه الإمام أحمد في «المسند» (٢).

وأما حديث الحلية، فالحلية (٣) المزيِّنة ما كان في مَحَلِّهِ، فإذا جاوز محلَّه لم يكن زينة.

فصل

وأما قولكم: إن الوسواس خير مما عليه أهل التفريط والاسترسال، وتمشية الأمر كيف اتفق، إلى آخره.

فلعمر الله إنهما لطرفا إفراطٍ وتفريطٍ، وغلو وتقصير، وزيادة [٥٢ أ] ونقصان، وقد نهى الله سبحانه عن الأمرين في غير موضع؛ كقوله: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء: ٢٩]، وقوله: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} [الإسراء: ٢٦]، وقوله:


(١) تقدم تخريجه.
(٢) مسند أحمد (٢/ ٣٣٤، ٥٢٣) من طريق فليح بن سليمان عن نعيم المجمر.
(٣) «فالحلية» ساقطة من م.