للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمستحبون يحتجون بحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنتم الغُرّ المحَجّلون يوم القيامة من أثر الوضوء؛ فمن استطاع منكم فليُطِلْ غُرّته وتَحْجيله». متفق عليه (١)، ولأن الحِلْية تبلغ من المؤمن حيث يبلغ الوضوء (٢).

قال النافون للاستحباب: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله حَدَّ حدودًا فلا تعتدوها» (٣)، والله سبحانه قد حدّ المرفقين والكعبين، فلا ينبغي تعدِّيهما، ولأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يَنقُل مَنْ نقل عنه وضوءه أنه تعدّاهما، ولأن ذلك أصل الوسواس ومادّته، ولأن فاعله إنما يفعله قُربةً وعبادةً، والعبادات مبناها


(١) البخاري (١٣٦)، ومسلم (٢٤٦). وقوله: «فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله» ليس مرفوعًا، بل هو مدرج من قولي أبي هريرة، وسيأتي كلام المؤلف عليه.
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٠) عن أبي هريرة.
(٣) جزء من حديث رواه مسدّد وابن أبي شيبة كما في إتحاف الخيرة (٧٧٨)، والطبراني في الكبير (٢٢/ ٢٢١)، والدارقطني (٤/ ١٨٣)، والحاكم (٧١١٤)، وأبو نعيم في الحلية (٩/ ١٧)، والبيهقي في الكبرى (١٠/ ١٢)، وغيرهم من طريق مكحول عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، وحسنه أبو بكر السمعاني كما في جامع العلوم والحكم (ص ٢٧٦)، والنووي في الأربعين (٣٠) وفي غيره، وصححه ابن القيم في الإعلام (١/ ٢٤٩)، وابن كثير في تفسيره (١/ ٦٢١)، والبوصيري، والهيتمي في الزواجر (١/ ٢١)، لكن أعِلَّ بالوقف والقطع والانقطاع، قال ابن عساكر في معجمه (٢/ ٨٥): «هذا حديث غريب، ومكحول لم يسمع من أبي ثعلبة»، وقال الذهبي في المهذب (٨/ ٣٩٧٦): «موقوف ومنقطع؛ لم يلق مكحول أبا ثعلبة»، وقال ابن حجر في المطالب العالية (٢٩٣٤): «رجاله ثقات إلا أنه منقطع». وفي الباب عن أبي الدرداء وابن عباس وسلمان رضي الله عنهم.