للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وأول كيده ومكره: أنه كاد الأبوين بالأيمان الكاذبة أنه ناصح لهما، وأنه إنما يريد خلودهما في الجنة، قال تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (٢٠) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} [الأعراف: ٢٠ ــ ٢٢].

فالوسوسة: حديث النّفس والصوت الخفي، وبه سُمِّي صوت الحُليِّ وسواسًا، ورجل موسوِس بكسر الواو، ولا يفتح فإنه لحن، وإنما قيل له: مُوَسوسٌ؛ لأن نفسه تُوسوِس إليه، قال تعالى: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: ١٦].

وعلم عدوُّ الله أنهما إذا أكلا من الشجرة بدت لهما عوراتهما؛ فإنها معصية، والمعصية تَهتِكُ ستر ما بين الله وبين العبد، فلما عصيا انْهتَك ذلك الستر، فبدت لهما سوآتهما (١)، فالمعصية تُبدي السوأة الباطنة والظاهرة، ولهذا رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في رؤياه الزناة والزواني عراةً باديةً سوآتُهم (٢). وهكذا إذا رُئيَ الرجل أو المرأة في منامه مكشوف السوأة، فإنه يدل على فساد دينه، قال الشاعر:

إِنِّي كَأَنِّي أَرَى مَنْ لا حَيَاءَ لَهُ ... وَلَا أمَانَةَ وَسْطَ النَّاسِ عُرْيَانا (٣)


(١) في غير الأصل وح: «عوراتهما».
(٢) أخرجه البخاري (١٣٨٦، ٧٠٤٧) عن سمرة بن جندب ضمن حديث طويل.
(٣) البيت ضمن مقطوعة لسوار بن المضرب في حماسة أبي تمام بشرح المرزوقي (٣/ ١٣٦١)، والزهرة (١/ ١٢)، وهو له في لسان العرب (وسط) والنوادر لأبي زيد (ص ٤٥).