للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن فوائد نظر العبد في حق الله عليه: أنه لا يتركه ذلك يُدِلُّ بعمل أصلًا، كائنًا ما كان، ومَنْ أدلّ بعمله لم يصعد إلى الله، كما ذكر الإمام أحمد عن بعض أهل العلم بالله، أنه قال له رجل: إني لأقوم في صلاتي؛ فأبكي حتى يكاد ينبت البَقْل من دموعي، فقال له: إنك إن تضحك وأنت تعترف لله بخطيئتك، خيرٌ من أن تبكي وأنت تُدِلُّ بعملك؛ فإن صلاة المُدلِّ لا تصعد فوقه، فقال له: أوصني، قال: عليك بالزهد في الدنيا، وأن لا تنازعها أهلَها، وأن تكون كالنّحلة، إن أكلت أكلت طيِّبًا، وإن وضعت وضعت طيبًا، وإن وقعت على عود لم تضرَّه ولم تكسره، وأوصيك بالنصح لله عز وجل نُصْح الكلب لأهله؛ فإنهم يُجِيعونه ويطردونه؛ ويأبى إلا أن يحوطَهم وينصحهم» (١).

ومن هاهنا أخذ الشاطبي قوله:

وَقَدْ قِيلَ كُنْ كَالكَلْبِ يُقْصِيهِ أَهْلُهُ ... وَلا يَأْتلِي في نُصْحِهِمْ مُتَبَذِّلَا (٢)

وقال الإمام أحمد: حدثنا سيَّار، حدثنا جعفر، حدثنا الجريرى، قال: «بلغني أن رجلًا من بني إسرائيل كانت له إلى الله تعالى حاجة، فتعبد


(١) الزهد لأحمد (ص ٧٩) من طريق سفيان عن رجل من أهل صنعاء عن وهب بن منبه، ورواه أيضًا ابن أبي شيبة في المصنف (٧/ ١٨٣)، وهناد في الزهد (٤٥٩)، والدينوري في المجالسة (٢٠١٢) من نفس الطريق. ورواه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٢٨، ٤٣ - ٤٤) من طريق جعفر بن سليمان عن عمر بن عبد الرحمن الصنعاني عن وهب، ومن طريق أشرس عن أبي عبد الرحمن عن وهب، ورواه في موضع ثالث (٧/ ٥٥) من طريق يحيى عن الفريابي عن سفيان قوله.
(٢) انظر: حرز الأماني المعروف بالشاطبية (ص ١٥) ط. دار الكتاب النفيس.