للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنشدني الصيدلاني:

قَالَتْ: جُنِنْتَ عَلَى رَأْسِي فَقُلْتُ لهَا: ... العِشْقُ أَعْظَمُ مِمَّا بِالمَجَانِينِ

الْعِشْقُ لَيْسَ يُفيقُ الدَّهْرَ صَاحِبُهُ ... وَإنَما يُصْرَعُ المَجْنُونُ في الحِين

فصاحبه أحقّ بأن يُشَبَّه بعابد الوَثن، والعاكِف على التماثيل، فإن عكوف قلب العاشق على صورة محبوبه وتمثاله يُشْبه عكوفَ عابد الصَّنم على صَنمه.

وإذا كان الشيطانُ يريدُ أن يوقع العدواة والبغضاء بين المسلمين في الخمر والميسر، ويصُدّهم بذلك عن ذكر الله وعن الصلاة، فالعدواةُ والبغضاءُ والصّدّ الذي يُوقعه بالعشق أعظم بكثير.

وجميع المعاصي يجتمعُ فيها هذان الوصفان، وهما العدواة والبغضاء، والصّدّ عن ذكر الله وعن الصلاة، فإن التَّحابَّ والتآلُفَ إنما هو بالإيمان والعمل الصالح، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: ٩٦]، أي: يُلْقِي بينهم المحبة، فيُحبّ بعضهم بعضًا، فيتراحمون، ويتعاطفون، بما جعل الله لبعضهم في قلوب بعضٍ من المحبة.

وقال ابن عباس (١): يُحبّهم ويحبّبُهم إلى عباده.


(١) رواه ابن أبي شيبة (٧/ ١٣٧) وهناد في الزهد (٤٧٨) والبيهقي في الزهد (٨١٢) من طريق ابن أبي ليلى عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، ورواه ابن أبي الدنيا في الأولياء (٣٢) والطبري في تفسيره (١٨/ ٢٦٢) والبيهقي في الزهد (٨١١) وغيرهم من طريق ابن أبي ليلى عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.