للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف: ٥٠].

فصل

وأما كيده للأبوين: فقد قَصّ الله سبحانه علينا قِصّته معهما، وأنه لم يزَل يخدعهما ويَعِدهما ويُمَنّيهما الخلود في الجنة، حتى حلف لهما بالله جَهْدَ يمينه أنه ناصحٌ لهما، حتى اطمأنّا إلى قوله، وأجاباه إلى ما طلبَ منهما، فجرى عليهما من المحنة، والخروج من الجنة، [١٣٨ ب] ونزْع لباسهما عنهما ما جرى، وكان ذلك بكَيْده ومكره الذي جرى به القلمُ، وسبقَ به القدر، ورَدّ الله سبحانه كيده عليه، وتدارك الأبوين برحمته ومغفرته، فأعادهما إلى الجنة على أحسن الأحوال وأجملها، وعاد عاقبةُ مكره عليه، {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: ٤٣]!

وظن عدو الله بجهله أن الغَلَبة والظَّفَر له في هذا الحرب، ولم يعلم بكَمين جيش: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: ٢٣]، ولا بإقبال دَوْلَة: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: ١٢٢].

وظن اللعين بجهله أن الله سبحانه يتخلّى عن صَفِيِّه وحبيبه الذي خلقه بيده، ونفخ فيه من رُوحه، وأسجد له ملائكته، وعَلّمه أسماء كل شيء، من أجل أَكْلَةٍ أكلَها.

وما علم أن الطبيب قد عَلّم المريض الدواءَ قبل المرض، فلما أحسّ بالمرض بادر إلى استعمال الدواء، لمَّا رماهُ العدُوُّ بسهمه وقعَ في غير مَقتل،