للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنسبوا الإله الحق سبحانه إلى ما يأنَفُ أسقط الناس وأقَلُّهم أن يفعله بمملوكه وعَبْدِه، وإلى ما يأنَفُ عُبّاد الأصنام أن تُنْسَبَ إليه أوثانهم (١)، وكَذّبُوا الله سبحانه في كونه تابَ على آدم عليه السلام وغَفَر له خَطيئته، ونسبوه إلى أقْبَح الظلم، حيث زَعموا أنه سَجَن أنبياءَه ورُسله وأولياءه في الجحيم، بسبب خطيئة أبيهم، ونسبوه إلى غاية السَّفَه، حيث خَلّصَهُم من العذاب بتمكينه أعداءه من نَفْسه، حتى قتلوه وصلبوه وأراقوا دَمه، ونسبوه إلى غاية العَجْز حيث عَجّزوه أن يُخَلّصهم بقُدرته من غير هذه الحيلة، ونسبوه إلى غاية النّقْص، حيث سَلّطَ أعداءه على نفسه وابنه، ففعلوا به ما فعلوا.

وبالجملة، فلا نعلم أمةً من الأمم سَبّت رَبّهَا ومعبودها وإلهها بما سَبّته به هذه الأمة، كما قال عمر رضي الله عنه: إنهم سبُّوا الله مَسَبّةً ما سَبّهُ إيّاها أحد من البَشَرِ.

وكان بعضُ أئمة الإسلام إذا رأى صَليبيًا أغمض عينيه عنه، وقال: لا أستطيعُ أن أملأ عيني ممن سَبّ إلهه ومعبوده بأقبح السب.

ولهذا قال عقلاء الملوك: إن جهاد هؤلاء واجب شرعًا وعقلًا، إنهم عارٌ على بني آدم، مفسدون للعقول والشرائع.

وأما شريعتهم ودينهم فليسوا متمسّكين بشيء من شريعة المسيح، ولا دينه البتة.

فأول ذلك: أمرُ القِبْلة، فإنهم ابتدعوا الصلاة إلى مَطْلع الشمس، مع


(١) كذا في م. وفي باقي النسخ: «أربابهم».