ولا أحبَّ إليهم، ولا أقرَّ لعيونهم من الإيمان به، ومحبته، والشوقِ إلى لقائه، والأُنْسِ بقربه، والتنعُّم بذِكْره.
وقد جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين هذين الأمرين في الدعاء الذي رواه النسائي، والإمام أحمد، وابن حبان في «صحيحه» وغيرهم (١) من حديث عمار بن ياسر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو به:«اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحْيِني ما علمت الحياة خيرًا لي، وتوفّني إذا كانت الوفاة خيرًا لي، وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيمًا لا ينفَد، وأسألك قُرّة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برْد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوقَ إلى لقائك، في غير ضَرّاءَ مُضِرّة، ولا فتنة مُضلة، اللهم زَيِّنَّا بزينة الإيمان، واجعلنا هُداةً مهتدين».
فجمع في هذا الدعاء العظيم القدر بين أطيب شيء في الدنيا وهو الشوق إلى لقائه سبحانه، وأطيب شيء في الآخرة وهو النظر إلى وجهه سبحانه، ولما كان كمال ذلك وتمامه موقوفًا على عدم ما يضر في الدنيا، ويفتن في الدين [٨ ب]، قال:«في غير ضرّاء مُضرة، ولا فتنة مُضلة».
(١) مسند أحمد (٤/ ٢٦٤)، سنن النسائي (٣/ ٥٤ ـ ٥٥)، صحيح ابن حبان (١٩٧١)، ورواه أيضًا ابن أبي شيبة (٦/ ٤٤)، والبزار (١٣٩٢، ١٣٩٣)، وأبو يعلى (١٦٢٤)، وصححه الحاكم (١٩٢٣)، وقال الشوكاني في النيل (٢/ ٣٣٣): «رجال إسناده ثقات»، وصححه الألباني في تعليقه على شرح الطحاوية (ص ١٠٠)، واحتج به الأئمة على إثبات نظر المؤمنين في الآخرة إلى الباري تعالى. وفي الباب عن أنس وزيد بن ثابت رضي الله عنهما.