وهذا صحيحٌ على أصله في سدِّ الذرائع؛ فإنه إذا كان على التراخي إلى وقت الموت لم يكن لليمين فائدة، وصار لا فرق بين الحَلف وعدمه، والحملُ في ذلك على القرينة والعرف إن لم تكن نية، ولا يكاد اليمين يتجرّد عن هذه الثلاثة.
وأما تعليق الطلاق بوقت يجيء لا محالة، كرأس الشهر والسنة، وآخر النهار ونحوه؛ فللفقهاء في ذلك أربعة أقوالٍ:
أحدها: أنها لا تطلق بحال، وهذا مذهب ابن حزم، واختيار أبى عبد الرحمن الشافعي، وهو من أجَلِّ (١) أصحاب الوجوه.
وحجتهم: أن الطلاق لا يقبل التعليق بالشرط، كما لا يقبله النكاح، والبيع، والإجارة، والإبراء.
قالوا: والطلاق لا يقع في الحال، ولا عند مجيء الوقت. أما في الحال فلأنه لم يوقعه مُنَجَّزًا، وأما عند مجيء الوقت فلأنه لم يصدر منه طلاق حينئذٍ، ولم يتجدد سوى مجيء الزمان، ومجيء الزمان لا يكون طلاقًا.
وقابل هذا القول آخرون، وقالوا: يقع الطلاق في الحال، وهذا مذهب مالك، وجماعة من التابعين.
وحجتهم: أن قالوا: لو لم يقع في الحال لحصل منه استباحة وطء موقّت، وذلك غير جائز في الشرع؛ لأن استباحة الوطء فيه لا تكون إلا مُطلقًا غير موقّت، ولهذا حَرُم نكاح المتعة؛ لدخول الأجل فيه، وكذلك وطء المكاتبة. ألا ترى أنه لو عُرّي من الأجل، بأن يقول: إن جئتني بألف درهم فأنت حُرّة، لم يمنع ذلك الوطء.