ولهذا أمر الله سبحانه رسولَه والمؤمنين باتباع ما أُنزل إليهم، وهو طاعته وهو المقدمة الأولى، [١٣٤ ب] وأمر بانتظار وَعده، وهو المقدمة الثانية، وأمر بالاستغفار والصبر، لأن العبد لا بدّ أن يحصل له نوع تقصير وسَرَف يزيله الاستغفار، ولا بدّ في انتظار الوعد من الصبر، فبالاستغفار تتمّ الطاعة، وبالصبر يتمّ اليقين بالوعد، وقد جمع الله سبحانه بينهما في قوله:{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}[غافر: ٥٥].
وقد ذكر الله سبحانه في كتابه قصص الأنبياء وأتباعهم، وكيف نجَّاهم بالصبر والطاعة، ثم قال:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}[يوسف: ١١١].
فصل
وتمام الكلام في هذا المقام العظيم يتبين بأصول نافعة جامعة:
الأصل الأول: أن ما يصيبُ المؤمنين من الشرور والمحن والأذى دون ما يصيب الكفار، والواقع شاهد بذلك، وكذلك ما يصيب الأبرار في هذه الدنيا دون ما يصيب الفجار والفساق والظَّلَمة بكثير.
الأصل الثاني: أن ما يصيب المؤمنين في الله تعالى مقرونٌ بالرضا