لِمَا ادَّعَت به، ولا يعدل إلى الجواب المفصّل، فتحتاج هي إلى إقامة البينة على سبب الاستحقاق، وقد يتعذّر أو يتعسر عليها ذلك.
فإن أحضرت الصداق وأقامت البينة، فإن كانت لم تنتقل معه إلى داره جحد تسليمها إليه، والقول قوله إذا لم تكن معه في منزله.
فإن كانت قد انتقلت معه إلى منزله، وادّعَى نُشوزها تلك المدة، وأمكنه إقامة البينة بذلك، سقطت نفقتها في مدة النشوز، وإن لم يمكنه إقامة البينة، وادّعى عدم تمكينها له من الوطء، وادعت أنها مَكّنته فالقول قوله؛ لأن الأصل عدم التمكين، وهذا غير دعواه النشوز؛ فإن النشوز هو العصيان، والأصل عدمه، وهذا إنكار لاستيفاء حقه، والأصل عدمه فتأمله.
فإن كان له منها ولد لم يمكنه هذا الإنكار.
ومتى أحس بالشر والمكر احتال بأن يُخبئ شاهديَ عَدْل، بحيث يسمعان كلامها [١٠٤ ب]، ولا تراهما، ثم يدفع إليها مالًا، أو ترضى به، ويتلطَّف بها، ثم يقول: أريد أن يجعل كل منا صاحبه في حِلٍّ حتى تطيب أنفسنا، ولعل الموت يأتي بغتةً، ونحو ذلك من الكلام.
وإن أمكنه أن يستنطقها بأنها لا تستحق عليه إلى ذلك الوقت نفقة، ولا كسوة، وأنه يرضيها من الآن، ويدفع إليها ما ترضى به، كان أقوى، ثم يأخذ خَطّ الشاهدين بذلك، ويكتمه منها، فإن أعجله الأمر عن ذلك، وأمكنه المبادرة برَفْعِها إلى حاكم مالكِيٍّ أو حَنفيٍّ، بادر إلى ذلك.
وبالجملة، فالحازم من يستعدُّ لِحِيَلِهِنَّ، ويُعدّ لها حيلًا يتخلص بها منها، وهذا لا بأس به، ولا إثم فيه، ولا في تعليمه؛ فإن فيه تخليص المظلوم، وإغاثة الملهوف، وإخزاء الظالم المعتدي، والله الموفق للصواب.