وأيضًا فمقتضى عقد الشركة: أن لا ينفرد أحد الشريكين بربح مال الآخر، وهذه الشركة تُفضي إلى ذلك؛ لأنه قد تزيد قيمة عرض أحدهما، ولا تزيد قيمة عرض الآخر، فيشاركه مَنْ لم تزد قيمة عرضه، وهذا إنما يصح في المتقوّمات، كالرقيق، والحيوان، ونحوهما. فأما المِثْليّات فإن ذلك مُنتفٍ فيها، ولهذا كان الصحيح عند من منع الشركة بالعروض جوازها بالمثليات.
والصحيح: الجوازُ في الموضعين؛ لأن مبنى عقد الشركة على العدل من الجانبين، وكلٌّ من الشريكين مترددّ بين الربح والخسران، فهما في هذا الجواز مستويان.
فتجويز ربح أحدهما دون الآخر في مقابلة عكسه، فقد استويا في رجاء الغُنْم وخوف الغُرْم، وهذا هو العدل، كالمضاربة، فإنه يجوز أن يربحا، وأن يخسرا، وكذلك المساقاة والمزارعة.
وطريق الحيلة في تصحيح هذه المشاركة عند من لا يجوّزها بالعرُوض: أن يبيع كلٌ منهما بعض عرضه ببعض عرض صاحبه، فإذا كان عَرضُ [٩١ ب] أحدهما يساوى خمسة آلاف، وعرضُ الآخر يساوي ألفًا، فيشتري صاحبُ العرض الذي قيمته خمسة آلاف من صاحبه خمسة أسداس عرضه الذي يساوي ألفًا بسُدس عرضه الذي يساوي خمسة آلاف، فإذا فَعَلا ذلك صارا شريكين، فيصير للذي يساوي متاعه ألفًا سدس جميع المتاع، وللآخر خمسةُ أسداسه، أو يبيع كلٌّ منهما صاحبه بعض عرضه بثمن مسمى، ثم يتقابضا فيصير مُشتركًا بينهما، ثم يأذن كلُّ واحد منهما لصاحبه في التصرُّف، فما حصل من الربح يكون بينهما على ما شرطاه عند أحمد، وعلى قدر رؤوس أموالهما عند الشافعيّ، والخُسران على قَدْر المال اتفاقًا.