فنقلوهم من عبادة الأصنام المجسَّدة إلى عبادة الصور التي لا ظِلّ لها، ونقلوهم من السجود للشمس إلى السجود إلى جهة المشرق، ونقلوهم من القول باتحاد العاقل والمعقول والعقل إلى القول باتحاد الأب والابن وروح القدس.
وهذا، ومعهم بقايا من دين المسيح، كالختان، والاغتسال من الجنابة، وتعظيم السبت، وتحريم الخنزير، وتحريم ما حرّمته التوراة، إلا ما أُحِلّ لهم بنصِّها.
ثم تناسخت الشريعة إلى أن استحلُّوا الخنزير، وأحَلُّوا السبت، وعُوّضوا منه يوم الأحد، وتركوا الختان والاغتسال من الجنابة.
وكان المسيح يُصَلِّي إلى بيت المقدس، فصلّوا هم إلى المشرق.
ولم يُعَظّم المسيح عليه السلام صليبًا قَطّ، فعظّموا هم الصليب، وعبدوه.
ولم يَصُم المسيح عليه السلام صَوْمهم هذا أبدًا، ولا شَرَعه، ولا أمر به البتة، بل هم وضعوه على هذا العدد، ونقلوه إلى زمن الرّبيع، فجعلوا ما زادوا فيه من العدد عِوَضًا عن نقله من الشهور الهلالية إلى الشهور الرومية.
وتعبَّدوا بالنجاسات، وكان المسيح عليه السلام في غاية الطهارة والطيب والنظافة، وأبعد الخلق عن النجاسة، فقصدوا بذلك تغيير دين اليهود، ومُراغَمتَهم، فغيَّروا دين المسيح.
وتقرّبوا إلى الفلاسفة عُبَّاد الأصنام، بأن وافقوهم في بعض الأمر، ليرضوهم به، وليستنصروا بذلك على اليهود.