للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يزيل لفظ كتابٍ من كتب الله تعالى، ولكنهم يُحَرِّفونه: يتأوَّلونه على غير تأويله».

وهذا اختيار الرازي في «تفسيره» (١).

وسمعت شيخنا يقول: وقع النزاع في هذه المسألة بين بعض الفضلاء، فاختار هذا المذهب، ووهّن غيره، فأُنكر عليه، فأحضر لهم خمسة عشر نقلاً به.

ومن حُجَّة هؤلاء: أن التوراة قد طبّقت مشارق الأرض ومغاربها، وانتشرت جنوبًا وشمالاً، ولا يعلم عدد نُسخها إلا الله تعالى، ومن الممتنع أن يقع التواطؤ على التبديل والتغيير في جميع تلك النسخ، بحيث لا يبقى في الأرض نسخةٌ إلا مُبدَّلةً مغيرةً، والتغيير على منهاج واحد، وهذا مما يُحيله العقل ويشهد ببطلانه.

قالوا: وقد قال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - مُحتجًّا على اليهود بها: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: ٩٣].

قالوا: وقد اتفقوا على ترك فريضة الرّجم، ولم يمكنهم تغييرها من التوراة، ولهذا لما قرأوها على النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع القارئ يده على آية الرجم، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك عن آية الرجم، فرفعها، فإذا هي تلوح تحتها، فلو كانوا قد بدّلوا ألفاظ التوراة لكان هذا من أهمّ ما يبدِّلونه.

قالوا: وكذلك صفات النبي - صلى الله عليه وسلم - ومَخْرجه هو في التوراة بَيّنٌ جدًّا، ولم يمكنهم إزالته وتغييره، وإنما ذمّهم الله تعالى بكتمانه، وكانوا إذا احتُجّ عليهم


(١) مفاتيح الغيب (١١/ ١٨٧).