للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أردتِ بهذا؟ ولمن فعلتيه (١)؟ وعلى أي وجه فعلتيه؟ ويعلم أنه لابد أن يُنشر لكل حركة وكلمة منه ديوانان: ديوان لمن فعلته؟ وديوان: كيف فعلته؟

فالأول: سؤال عن الإخلاص، والثاني: سؤال عن المتابعة، قال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: ٩٢، ٩٣]، وقال تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: ٦، ٧]، وقال تعالى: {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} [الأحزاب: ٨].

فإذا سُئل الصادقون وحوسبوا على صدقهم فما الظن بالكاذبين؟

قال مقاتل (٢): «يقول تعالى: أخذنا ميثاقهم؛ لكي يسأل الله الصادقين ــ يعني به النبيين ــ عن تبليغ الرسالة».

وقال مجاهد: «يسأل المبلِّغين المؤدِّين عن الرسل» (٣)، يعني: هل بلَّغوا عنهم؟ كما يسأل الرسلَ: هل بلَّغوا عن الله؟

والتحقيق: [٢٦ أ] أن الآية تتناول هذا وهذا، فالصادقون هم الرسل والمبلغون عنهم، فيسأل الرسل عن تبليغ رسالاته، ويسأل المبلِّغين عنهم عن تبليغ ما بلَّغتهم الرسل، ثم يسأل الذين بَلَغتهم الرسالة: ماذا أجابوا المرسلين؟ كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: ٦٥].


(١) كذا في الأصل، وفي بعض النسخ: «فعلته».
(٢) تفسيره (٣/ ٣٦).
(٣) رواه ابن جرير في تفسيره (٢٠/ ٢١٤) من طرق عن مجاهد، وعزاه في الدر المنثور (٦/ ٥٦٨) للفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم.