للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تلك الملائكة» (١) والشيطان ضد الملَك وعدوُّه، فأُمر القارئ أن يطلب من الله مباعدة عدوه عنه حتى تحضره خاصتُه وملائكته، فهذه وليمة لا تجتمع فيها الملائكة والشياطين.

ومنها: أن الشيطان يُجْلِب على القارئ بخيله ورَجله، حتى يَشْغَله عن المقصود بالقرآن، وهو تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد به المتكلم به سبحانه، فيحرص بجهده على أن يحول بين قلبه وبين مقصود القرآن؛ فلا يكمل انتفاع القارئ به، فأُمر عند الشروع أن يستعيذ [٢٨ ب] بالله منه.

ومنها: أن القارئ مناجٍ لله بكلامه، والله تعالى أشد أَذَنًا للقارئ الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القَيْنة إلى قينته (٢)، والشيطان إنما قراءته الشعر والغناء، فأُمر القارئ أن يطرده بالاستعاذة عند مناجاته لله، واستماع الربِّ قراءتَهُ.

ومنها: أن الله سبحانه أخبر أنه ما أرسل من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أُمنيته (٣)، والسلف كلهم على أن المعنى: إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته، كما قال الشاعر في عثمان:

تَمنَّى كِتَابَ اللَّهِ أَوَّلَ لَيْلِهِ ... وَآخِرَهُ لاقَى حِمَامَ المَقَادِرِ (٤)


(١) أخرجه مسلم (٧٩٦) عن أبي سعيد، وذكره البخاري (٥٠١٨) تعليقًا.
(٢) كما في الحديث الذي أخرجه أحمد (٦/ ١٩، ٢٠)، وابن ماجه (١٣٤٠)، والحاكم في المستدرك (١/ ٥٧١) وصححه، وردَّه الذهبي وقال: بل هو منقطع. انظر: السلسلة الضعيفة (٢٩٥١).
(٣) كما في سورة الحج: ٥٢ ـ ٥٤.
(٤) ينسب البيت لحسان بن ثابت في البحر المحيط (٦/ ٣٨٢)، وليس في ديوانه. وهو بلا نسبة في كتاب العين (٨/ ٣٩٠)، ومقاييس اللغة (٥/ ٢٧٧)، ولسان العرب (منى).