للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويدلُّ عليه ما رواه أبو داود في قصة الإفك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلس، وكشف عن وجهه وقال: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم» (١).

وعن أحمد رواية أخرى أنه يقول: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إن الله هو السميع العليم»، وبه قال سفيان الثوري، ومسلم بن يَسار، واختاره القاضي في «المجرَّد»، وابن عقيل؛ لأن قوله: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨]، ظاهره أنه يعقب قوله: «أعوذ بالله» بقوله: «من الشيطان الرجيم»، وقوله في الآية الأخرى: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: ٣٦] يقتضي أن يلحق بالاستعاذة وصفه بأنه هو السميع العليم في جملة مستقلة بنفسها؛ مؤكدة بحرف «إنَّ»؛ لأنه سبحانه هكذا ذَكره.

وقال إسحاق: الذي أختاره ما ذُكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من هَمْزه ونفخه ونَفْثِه».

وقد جاء في الحديث تفسير ذلك، قال: «وهمزه: المُوتَة، ونفخه: الكِبْر، ونفثه: الشعر» (٢).


(١) سنن أبي داود (٧٨٥) عن حميد عن الزهري عن عروة عن عائشة، ورواه البيهقي في الكبرى (٢/ ٤٣) من طريق أبي داود، قال أبو داود: «هذا حديث منكر، قد روى هذا الحديث جماعة عن الزهري لم يذكروا هذا الكلام على هذا الشرح، وأخاف أن يكون أمر الاستعاذة من كلام حميد»، وهو في ضعيف السنن (١٦٧).
(٢) ورد هذا التفسير مرفوعًا من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه عند أحمد (٤/ ٨٠) والطبراني في مسند الشاميين (١٣٤٣)، وعن رجل من جهينة عند ابن منده كما في أسد الغابة (٦/ ٤١٤)، وعن أبي سلمة مرسلًا عند أحمد (٦/ ١٥٦)، وعن الحسن مرسلًا عند عبد الرزاق (٢/ ٨٢). وجاء من كلام ابن مسعود عند عبد الرزاق (٢/ ٨٤) والطبراني في الكبير (٩/ ٢٦٢)، ومن كلام عمرو بن مرّة عند أحمد (٤/ ٨٥)، وابن ماجه (٨٠٧)، وأبي يعلى (٧٣٩٨)، وابن الجارود (١٨٠)، وابن حبان (١٧٧٩، ١٧٨٠، ٢٦٠١)، والطبراني في الكبير (٢/ ١٣٤)، والبيهقي في الكبرى (٢/ ٣٥)، ومن كلام جعفر بن سليمان عند البيهقي في الكبرى (٢/ ٣٤)، ومن كلام عطاء بن السائب عند البيهقي أيضًا (٢/ ٣٦)، ومن كلام حصين بن عبد الرحمن عند أحمد (٤/ ٨٢)، ومن كلام مطر عند الدارمي (١٢٣٩).