أحدهما: نفي سلطانه وإبطاله على أهل التوحيد والإخلاص.
والثاني: إثبات سلطانه على أهل الشرك وعلى من تولَّاه.
ولما علم عدوُّ الله أن الله لا يُسلّطه على أهل التوحيد والإخلاص قال: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: ٨٢، ٨٣].
فعلم عدو الله أن من اعتصم بالله، وأخلص له، وتوكل عليه لا يقدر على إغوائه وإضلاله، وإنما يكون له السلطان على من تولاه وأشرك مع الله، فهؤلاء رعيته، وهو وليُّهم وسلطانهم ومتبوعهم.
فإن قيل: فقد أثبت له السلطان على أوليائه في هذا الموضع، فكيف ينفيه في قوله: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٠) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ} [سبأ: ٢٠،٢١].
قيل: إن كان الضمير في قوله: {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ} عائدًا على المؤمنين فالسؤال ساقط، ويكون الاستثناء منقطعًا؛ أي لكن امتحنّاهم بإبليس، لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك.
وإن كان عائدًا على ما عاد عليه في قوله:{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ}، وهو الظاهر؛ ليصحّ الاستثناء المنقطع بوقوعه بعد النفي،