للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: أصل التدلية في اللغة: الإرسال والتعليق، يقال: دلّى الشيء في مهْوَاة؛ إذا أرسله بتعليق، وتدلى الشيء بنفسه، ومنه قوله تعالى: {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ} [يوسف: ١٩].

قال عامة أهل اللغة: يقال: أدلى دلوه؛ إذا أرسلها في البئر، ودَلَاها بالتخفيف: إذا نزعها من البئر، فأدلى دلوه يُدلِيه إدلاءً: إذا أرسلها، ودَلَاها يَدْلوها دلوًا: إذا نزعها وأخرجها، ومنه الإدلاء، وهو التوصل إلى الرجل برحمٍ منه.

ويشاركه في الاشتقاق الأكبر: الدلالة، وهي التوصل إلى الشيء بإبانته وكشفه، ومنه الدَّلُّ، وهو ما يدل على العبد من أفعاله، وكان عبد الله بن مسعود يُشبَّه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في هَديه ودلِّه وسمْتِه (١)، فالهدي: الطريقة التي عليها العبد من أخلاقه وأقواله وأعماله، والدلّ: ما يدل من ظاهره على باطنه، والسّمت: هيأته ووقاره ورزانته.

والمقصود ذكر كيد عدوّ الله ومكره بالأبوين.

قال مُطرِّف بن عبد الله (٢): قال لهما: إني خُلِقتُ قبلكما، وأنا أعلم منكما، فاتَّبعاني أُرشدكما، وحلف لهما، وإنما يُخدَع المؤمن بالله.

قال قتادة (٣): «وكان بعض أهل العلم يقول: من خادَعَنا بالله خُدِعْنا»،


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك (٣/ ٣٢٠) عن علقمة.
(٢) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٨٢٩٦) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عنه.
(٣) رواه ابن جرير في تفسيره (١٢/ ٣٥١)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٨٢٩٦) من طريقين عن سعيد عنه، وعزاه في الدر المنثور (٣/ ٤٣١) لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ.