للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: «وهو قول عامة أهل العلم، ولأن تنجيسها فيه مشقة عظيمة منتفية بالشرع، كما في أطعمة الكفار وثيابهم، وثياب الفسَّاق شَرَبة الخمر (١) وغيرهم».

قال أبو البركات ابن تيمية: «وهذا كله يُقوِّي طهارة الأرض بالجفاف؛ لأن الإنسان في العادة لا يزال يشاهد النجاسات في بقعة بقعة من طرقاته، التي يكثر فيها تردده إلى سوقه ومسجده وغيرهما، فلو لم تطهر إذا أذهب الجفاف أثرها، للزمه تجنب ما شاهده من بقاع النجاسة بعد ذهاب أثرها، ولَمَا جاز له التحفّي بعد ذلك، وقد عُلم أن السلف الصالح لم يحترزوا من ذلك، ويَعضده أمرُه - صلى الله عليه وسلم - بمسح النعلين بالأرض لمن أتى المسجد ورأى فيهما خَبَثًا. ولو نجست الأرضُ بذلك نجاسةً لا تطهر بالجفاف لأمر بصيانة طريق المسجد عن ذلك؛ لأنه يسلكه الحافي وغيره».

قلت: وهذا اختيار شيخنا رحمه الله.

وقال أبو قِلابة: «جفاف الأرض طهورها» (٢).


(١) ت، ش، ظ: «المسكر».
(٢) رواه عبد الرزاق (٣/ ١٥٨) عن معمر، وابن أبي شيبة (١/ ٥٩) من طريق الحارث بن عمير، كلاهما عن أيوب عن أبي قلابة به، ولفظ ابن أبي شيبة: «إذا جفّت الأرض فقد زكت». ورواه الدولابي في الكنى (١٦٧٥) من طريق ابن عيينة عن أيوب عن أبي قلابة، قيل لابن عيينة: يا أبا محمّد، سمعتَه من أيوب؟ فقال: اكتبوا: الحارث بن عمير عن أيوب، فقالوا له: أنت سمعتَه من الحارث؟ فقال: اكتبوا: حدّثني حمزة بن الحارث بن عمير عن أبيه عن أيوب عن أبي قلابة.