وقوله:«يمسك عن الوطء أبدًا» يدل على أنها زوجة؛ إلا أنه لا يطؤُها، وهذا لا يكون مع وقوع الطلاق؛ فإن الطلاق إذا وقع زالت أحكام الزوجية كلها.
فقد يقال: أخذ بالاحتياط فأوقع (١) الطلاق، ومنعها من التزويج للخلاف في ذلك، فحرَّم وطأها وهو أثر الطلاق، ومنعها من التزويج؛ لأن النكاح لم ينقطع بإجماع ولا نص.
ووجه هذا: أنه إذا كان الطلاق ثلاثًا لم يحلَّ وطؤها بعد الأجل، فيصير حِلُّ الوطء موقّتًا، وإن كان رجعيًا جاز له وطؤها بعد الأجل، فلا يصير الحِلُّ موقّتًا، وهذا أفقه من القول الأول.
والقول الرابع: أنها لا تطلق إلا عند مجيء الأجل، وهو قول الجمهور، وإنما تنازعوا: هل هو مُطَلِّقٌ في الحال، ومجيء الوقت شرط لنفوذ الطلاق، كما لو وكّله في الحال، وقال: لا تتصرف إلى رأس الشهر، فمجيء رأس الشهر شرط لنفوذ تصرفه، لا لحصول الوكالة، بخلاف ما إذا قال: إذا جاء رأس الشهر فقد وكَّلتك، ولهذا يفرّق الشافعي بينهما، فيصحح الأولى، ويبطل الثانية.
أو يقال: ليس مطلِّقًا في الحال، وإنما هو مطلِّق عند مجيء الأجل، فيقدَّر حينئذٍ أنه قال: أنت طالق، فيكون حصول الشرط وتقدير حصول «أنت طالق» معًا.
فعلى التقدير الأول: السبب تقدم، وتأخر شرط تأثيره، وعلى التقدير