للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فروى غير واحد عن المَعْرُور بن سُوَيد، قال: صليتُ مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في طريق مكة صلاة الصبح، فقرأ فيها: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: ١]، و {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} [قريش: ١]، ثم رأى الناس يذهبون مذاهب، فقال: أين يذهب هؤلاء؟ فقيل: يا أمير المؤمنين! مسجدٌ صلى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - فهم يصلّون فيه، فقال: إنما هَلَك مَنْ كان قبلكم بمثل هذا، كانوا يتّبعون آثار أنبيائهم، ويتخذونها كنائس وبِيَعًا. فمن أدْرَكته الصلاة منكم في هذه المساجد فليُصَلّ، ومَنْ لا فَليَمْضِ ولا يتعمّدها (١).

وكذلك أرسل عمر رضي الله تعالى عنه أيضًا؛ فقطَع الشجرة التي بايع تحتها أصحابُ النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢).

بل قد أنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصحابة لمّا سألوه أن يجعل لهم شَجَرة يُعلّقون عليها أسلحتهم ومتاعَهم بخصوصها.

فروى البخاري في «صحيحه» (٣) عن أبي واقِد اللَّيثي، قال: خرجنا مع


(١) رواه عبد الرزاق (٢/ ١١٨)، وابن أبي شيبة (٢/ ١٥١)، والطحاوي في شرح المشكل (١٢/ ٥٤٤ - ٥٤٥) وغيرهم من طرق عن الأعمش عن المعرور به نحوه، وصححه ابن تيمية كما في المجموع (١/ ٢٨١، ٢٧/ ٣٣، ١٣٤، ١٧١) وفي مواضع أخرى، وابن كثير في مسند الفاروق (١/ ١٤٢)، وابن حجر في الفتح (١/ ٥٦٩)، والألباني في تحذير الساجد (ص ٨٢).
(٢) سيأتي تخريجه.
(٣) ليس هو في صحيح البخاري، وقد نبَّه على ذلك في هامش ح. وسيعزوه فيما يأتي للترمذي، وهو في سننه (٢١٨٠)، ورواه أيضا الطيالسي (١٣٤٦)، وعبد الرزاق (١١/ ٣٦٩)، والحميدي (٨٤٨)، وابن أبي شيبة (٧/ ٤٧٩)، وأحمد (٥/ ٢١٨)، وابن أبي عاصم في السنة (٧٦)، والنسائي في الكبرى (١١١٨٥) من طريق عبد الرزاق، وأبو يعلى (١٤٤١) عن ابن أبي شيبة، وغيرُهم، قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح»، وصححه ابن حبان (٦٧٠٢)، وابن القيم في هذا الكتاب، وابن باز كما في مجموع فتاويه (٣/ ٣٣٧، ٣٥٥)، والألباني في ظلال الجنة (٧٦). وفي الباب عن ابن عباس وعمرو بن عوف المزني.