للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أرحمَ به من الوالدة بولدها الرفيقةِ به في حمله ورضاعه وفصاله (١)، فإن تاب فهو أفرحُ بتوبته من الفاقد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه في الأرض الدَوِّيَّة المُهْلِكَة إذا وجدها، وقد تهيَّأ لموته وانقطاع أوصاله (٢)،

وإن أصرَّ على الإعراض، ولم يتعرض لأسباب الرحمة، بل أصرَّ على العصيان في إدباره وإقباله، وصالحَ عدوَّه وقاطعَ سيدَه، فقد استحق الهلاك، ولا يَهلِك على الله تعالى إلا الشقيُّ الهالك لعِظَم رحمته وسعة إفضاله.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلهًا واحدًا أحدًا فردًا صمدًا، جلَّ عن الأشباه والأمثال، وتقدَّس عن الأضداد والأنداد والشركاء والأشكال، لا مانعَ لما أعطى ولا مُعطيَ لما منع، ولا رادَّ لحكمه ولا معقِّبَ لأمره، {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد: ١]

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله القائم له بحقه، وأمينُه على وحيه وخِيَرتُه من خلقه، أرسله رحمةً للعالمين، وإمامًا للمتقين، وحسرةً على الكافرين، وحجةً على العباد (٣) أجمعين، بعثَه على حينِ فترةٍ من الرسل، فهدى (٤) به إلى أقوم الطُّرُق (٥) وأوضح السُّبُل (٦)؛ وافترض على العباد


(١) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري (٥٩٩٩) ومسلم (٢٧٥٤) عن عمر بن الخطاب. وفيه: "لله أرحم بعباده من هذه بولدها".
(٢) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري (٦٣٠٨) ومسلم (٢٧٤٤) عن ابن مسعود ..
(٣) ش: "العالمين".
(٤) ش: "فهداهم".
(٥) ش: "الطريق".
(٦) ش، ظ: "السبيل".