للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الحاكم أبو عبد الله في «التفسير»، من كتابه «المستدرك» (١): «ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل ــ عند الشيخين ــ حديثٌ مسند».

وقال في موضع آخر من كتابه: «هو عندنا في حكم المرفوع».

وهذا ــ وإن كان فيه نظر ــ فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير مَنْ بَعدهم؛ فهم أعلم الأمة بمراد الله من كتابه، فعليهم نزل، وهم أولُ من خُوطِبَ (٢) به من الأمّة، وقد شاهدوا تفسيره من الرسول - صلى الله عليه وسلم - علمًا وعملاً، وهم العرب الفُصحاء على الحقيقة، فلا مَعدلَ عن تفسيرهم ما وُجد إليه سبيل.

ولا تعارض بين تفسير لهو الحديث بالغناء، وتفسيرها بأخبار الأعاجم وملوكها وملوك الروم، ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث يُحدِّث به أهل مكة، ليشغلهم به عن القرآن، فكلاهما لهو الحديث.

ولهذا قال ابن عباس: «لهو الحديث: الباطل والغناء» (٣).

فمن الصحابة مَن ذكر هذا، ومنهم من ذكر الآخر، ومنهم من جمعهما.


(١) (٢/ ٢٥٨).
(٢) م: «حفظ».
(٣) روى الطبري (٢٠/ ١٢٨) عن ابن عباس في تفسير لهو الحديث قال: «باطل الحديث؛ هو الغناء ونحوه»، وعزاه في الدر المنثور (٦/ ٥٠٤) للفريابي وابن مردويه. وورد تفسير لهو الحديث بالباطل والغناء مجموعَين عن عطاء الخراساني، رواه عنه ابن أبي حاتم والحاكم في الكنى كما في الدر المنثور (٦/ ٥٠٥، ٥٠٧).