للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُحسِّن القبيح ويزينه، ويأمر به، ويُقبِّح الحسن ويُزَهِّد فيه، وذلك عين النفاق.

[٧١ ب] وأيضًا فإن النفاق غِشٌّ ومكر وخداع، والغناء مؤسَّسٌ على ذلك.

وأيضًا فإن المنافق يُفسد من حيث يظنُّ أنه يُصلح، كما أخبر الله سبحانه بذلك عن المنافقين، وصاحب السماع يفسد قلبه وحاله من حيث يظن أنه يُصلِحه، والمغنِّي يدعو القلوب إلى فتنة الشهوات، والمنافق يدعوها إلى فتنة الشبهات.

قال الضحاك: «الغناء مفسدة للقلب، مسخطة للرب» (١).

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدِّب ولده: «ليكن أوّل ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي، التي بَدْؤُها من الشيطان، وعاقبتُها سخطُ الرحمن؛ فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم: أن صوت المعازف واستماع الأغاني واللَّهج بها، يُنبِتُ النفاقَ في القلب كما يَنْبُتُ العُشبُ على الماء» (٢).

فالغناء يفسد القلب، وإذا فسد القلب هاج فيه النفاق.

وبالجملة فإذا تأمَّل البصير حالَ أهل الغناء، وحال أهل الذكر والقرآن، تبيَّن له حذق (٣) الصحابة ومعرفتهم بأدواء القلوب وأدويتها، وبالله التوفيق.


(١) رواه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (٦٠). وانظر: معاني القرآن للنحاس (٥/ ٢٧٩)، وتفسير الثعلبي (٧/ ٣١٠)، وتلبيس إبليس (ص ٢١٠).
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (٥١)، ومن طريقه ابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص ٢٠٩).
(٣) م: «صدق».