للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمنزلة الرسل، فالكهنةُ رسل الشيطان حقيقة، أرسلهم إلى حِزْبه من المشركين، وشبّههم بالرُّسل الصادقين، حتى استجاب لهم حزبُه، ومثّل رُسُل الله بهم ليُنفِّرَ عنهم، ويجعل رسُله هم الصادقين العالمين بالغيب.

ولمّا كان بين النوعين أعظمُ التضاد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أتى كاهنًا فصدَّقهُ بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمدٍ» (١).

فإن الناس قسمان: أتباعُ الكهنة، وأتباع رسل الله، فلا يجتمع في العبد أن يكون من هؤلاء وهؤلاء، بل يَبْعُد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقدر قُرْبِه من الكاهن، ويُكَذِّبُ الرَّسُولَ بقدر تصديقه للكاهن.

وقوله: «اجعل لي مصايد، قال: مصايدك النساء»، فالنساء أعظم شبكةٍ له، يصطاد بهنّ الرجال، كما سيأتي إن شاء الله في الفصل الذي بعد هذا.

والمقصود أن الغناء المحرم قرآن الشيطان.

ولما أراد عدو الله أن يجمع عليه نفوس المُبْطلين قرنه بما يُزَيِّنه من الألحان المُطربة، وآلات الملاهي والمعازف، وأن يكون من امرأةٍ جميلةٍ، أو صبي جميل؛ ليكون ذلك أدَعى إلى قبول النفوس لقرآنه، وتَعَوُّضها به عن القرآن المجيد.


(١) رواه البزّار (٩٠٤٥ ــ كشف الأستار ــ) من حديث جابر رضي الله عنه، وحسنه المنذري في الترغيب (٤/ ١٧)، وابن حجر في الفتح (١٠/ ٢١٧)، وقال الهيثمي في المجمع (٥/ ٢٠٢): «رجاله رجال الصحيح خلا عقبة بن سنان وهو ضعيف»، وتُعُقّب، وهو في السلسلة الصحيحة (٣٣٨٧). وفي الباب عن أبي هريرة وأنس وابن مسعود وابن عمر وعمران بن حصين وواثلة بن الأسقع ووالد أبي العشراء، وعن حبان بن أبي جبلة مرسلًا.