للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن عمرو بن دينار وهو من أعيان التابعين: أنه سئل عن رجل طلق امرأته، فجاء رجل من أهل القرية بغير علمه ولا علمها، فأخرج شيئًا من ماله، فتزوَّجها ليُحِلَّها له. فقال: لا، ثم ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن مثل ذلك، فقال: «لا، حتى ينكح مُرتَغِبًا لنفسه، فإذا فعل ذلك لم يحلَّ له حتى يذوق العُسَيْلَة»، رواه أبو بكر بن أبي شيبة في «المصنَّف» (١) بإسناد جيد. وهذا المرسل قد احتج به من أرسله، فدلَّ على ثبوته عنده، وقد عمل به أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي، وهو موافق لبقيَّة الأحاديث الموصولة. ومثل هذا حجة باتفاق الأئمة، وهو والذي قبله نصٌ في التحليل المنويِّ.

وكذلك حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: «أن رجلًا قال له: امرأةٌ تزوجتها، أُحِلُّها لزوجها، لم يأمرني ولم يعلم. قال: لا، إلا نكاح رَغْبَة، إن أعجبتْك أمسكتَها، وإن كرهتهَا فارقتَها، وإن كنا نعدُّ هذا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سِفاحًا» (٢). ذكره شيخ الإسلام في «إبطال التحليل» (٣).


(١) مصنف ابن أبي شيبة (٣/ ٥٥٣)، قال ابن تيمية في إبطال التحليل (٦/ ٢٤١ الفتاوى الكبرى): «هذا المرسل حجّة؛ لأن الذي أرسله احتجَّ به»، وهو صحيح الإسناد إلى عمرو كما قال الألباني في الإرواء (٦/ ٣١٢). وفي الباب عن غير من ذكرهم المصنف عن جابر بن عبد الله وعمير بن قتادة وعن عطاء وإبراهيم والشعبي مرسلًا.
(٢) رواه الطبراني في الأوسط (٦٢٤٦)، وأبو نعيم في الحلية (٧/ ٩٦)، والبيهقي في الكبرى (٧/ ٢٠٨)، وصحّحه الحاكم (٢٨٠٦)، وابن دقيق العيد في الإلمام (١٢٤٦)، وحسن إسناده ابن تيمية في إبطال التحليل (ص ٣٩٨)، وقال الهيثمي في المجمع (٤/ ٤٩١): «رجاله رجال الصحيح»، وصحّحه الألباني في الإرواء (١٨٩٨).
(٣) المطبوع بعنوان «بيان الدليل على بطلان التحليل» (ص ٣٩٧) ط. دار ابن الجوزي.